التكنولوجيا بين التوظيف والتزييف .. بقلم / مــــروة أحـــمد
ام كلثوم حية وداليدا تغنى مع اليسا وصوفيا تمزح مع ابله فهيتا وديبو يتحدث مع شريف عامر
تقتحم عالمنا العربي تقنيات تكنولوجية مستحدثه مثل الريبوتات والهيلوجرام من خلال العروض الفنيه والمؤتمرات العالمية والمهرجانات وبرامج االتوك شو والمسرح فهل كان استخدامهم للتوظيف أم للتزييف؟ وهل يمكننا أستعادة العالم الأخر من خلالهم؟ وبين كل هذا وذاك نأخذ الاجابة من الريبوتات
فى الآونه الأخيرة شاهدنا الاستعانه بشكل كبير فى استخدام اجهزة التكنولوجيا الحديثه مثل ( الريبوتات ) التى تعمل بتقنية الذكاء الصناعى AI وتقنية الهيولوجرام فى تقديم بعض الاعمال الفنية والبرامج التليفزونية (توك شو)والمؤتمرات العالمية فى وطننا العربي فمثلا شاهدنا الريبوت Duet فى برنامج (يحدث فى مصر ) مع الأعلامى شريف عامر والريبوت (صوفيا ) فى برنامج (مساء دى ام سى ) مع الأعلامى اسامه كمال وبرنامج أبله فاهيتا على قناه CBC وأيضا منتدى شباب العالم وجدير بالزكر أن هذة الروبوت حصلت على الجنسية السعودية ، وفى منتدى الشباب العالمى تم الاستعانه بالريبوت MARC وفى بعض عروض المسرح تم أستخدام (تقنية الهولوجرام )مثل حفل ام كلثوم بدار الاوبرا المصرية بتجسيد حى لشخصية ام كلثوم من خلال هذه التقنيه وأخيرا اغنية (حلوة يابلدى للفنانه دليدا ) كتجسيد لشخصيه داليدا عبر الهولوجرام فى دويتو مع الفنانه اللبنانية اليسا بمهرجان joy awards بالمملكه العربية السعودية ؛ونذكر ايضا محاول تقديم مسلسل مصرى كوميدى (فى بيتنا روبوت ) بطولة شيماء سيف وليلى زاهر كمسلسل كوميديى ساخر يجعلنا نتخيل حياة أسرة مصرية يعيش معها روبوتات بالمنزل ، ولكن لم يتم الاستعانه بروبوت حقيقى وتم تجسيدة من خلال أبطال المسلسل كمحاكاة لتخيل شكل الحياة اليومية مع الروبوتات وما هى المواقف التى تتعرض لها هذة الاسرة يوميا .
لذلك علينا ان نعترف بأهمية الاستعانه بوسائل التكنولوجيا الحديثة والتقنيات المستحدثة فى علوم الفن والثقافه والابداع لتقديم منتجات فنية ذات طابع عصرى جديد .. ومن هنا نطرح مجموعه من االتساؤلات الذهنية هل يتم أستخدام هذة التقنيات بشكل مناسب لطبيعه حياتنا وثقافتنا فى وطننا العربي؟وهل تم توظيفها بالشكل الصحيح أم هو استعراض مادى فقط لنثبت للعالم ان الوطن العربي يملتك القدرة على التطوير والتغيربينما هذا الامر ظاهرياً فقط ؟ فالأجابة هنا تنقسم بين اجهزة التكنولوجيا وبين مستخدم هذة الاجهزة ؛
فمثلا فى برنامج (يحدث فى مصر ) اجاب الربوت Duet عن دورة فى المهرجنات والمؤتمرات التى كان يعمل بها حيث قال " انا روبوت تفاعلى مصمم خصيصاً للتحدث والتفاعل مع البشر ، ليس ذلك فقط فأنا أمتاز بأننى روبوت متحرك ذاتياً دون توجيه خارجى ، حيث أقوم بمسح خريطه المكان ، ثم أتوجهه للنقطه التى أرغب فى الوصول إليها مع تجنب الاستضدام باأى عائق وأستطيع أن أقوم بعدة وظائف فى مجالات متعددة مثل مجالات الأستضافه والرعاية الصحية وكذلك الأنشطه الترفيهية " كما قدم الاعلامى اسامه كمال فى برنامجه (حديث دى ام سي ) الروبوت صوفيا وتحاور معها عن زيارتها لمصر وتبادلت معه الحديث فى الكثير من الموضوعات منها سبب زيارتها لمصر ووصفها لجمال مصر وكرهها لعادة التدخين السلبية تشعر وكأنها أنسية تتحاور معه بكل طلاقة
أما تقنية (الهولوجرام) والتى جسدت شخصية كوكب الشرق ام كلثوم فى حفل بهيج بدار الاوبرا المصرية لتعيدها امام الحاضرين بالحفل وكأنها على قيد الحياة فقد جسدتها بثوبها المتعارف عليها وأدائها القوى على المسرح وكأنك تشاهد أم كلثوم حية ،كما شاهدنا الفنانه الراحلة داليدا فى احتفال مهرجان السنيما العالمى joy awards بالمملكه العربية السعودية من خلال مشاركتها " ديوغنائى "مع اليسا بتجسيد هولجرامى للراحلة فى اغنية (حلوة يابلدى) ولكن كان هذا التجسيد واضح جدا انه صناعى مبتزل من الدرجه الاولى واستعراض للأمكانيات المادية للمهرجان لأن اليسا لم تتفاعل مع هذة التقنية باحتراف تمثيلى بسبب المسافات المتباعدة لحركه الميزانسين على المسرح ، وكان التجسيد الهلوجرامى يقع بمنطقه منتصف المسرح بخليفة غامقه اللون بينما ظهور داليدا بالوان ناصعه اللون كما كانت فى الكليب الاصلى مما تسبب فى خلق تضاد وعدم توازن بحجم اللون وقوته من خلال ذلك التفاوت بين درجات الاضاءة ، لذلك شعرت وانا اشاهد هذا العرض انه إفراط كبير فى استخدام هذة التقنية وان العرض ماهو الا ابتزال تقنى ليس أكثر ، ومن هنا علينا ان نقف جميعا لحظه نتخيل بعقولنا ماذا يحدث لو يوم ما شاهدنا عروض مسرحية وفنية سواء كانت تمثيل او غناء او رقص استعراضى ... الخ يكون جميع ابطالها من الريبوتات والهلوجرام ولا يوجد بها جنس بشرى واحد ؟هل يمكن فى وطننا العربي ان نقدم منتج فنى كل أبطاله ريبوتات وهولوجرام فقط ؟هل يمكن ان نشاهد فى وطننا العربي ابطال هيلوجرامية يمكنها ان تحل محل ممثل او فنان رحل عن الحياة وتقدم النكات والقفشات المضحكه بدلا منه وتمتع الجمهور ؟هل نصل لنفس مستوى المتعه الحسية والسمعية والبصرية والمعنوية والفكرية من خلال هذة النوعية من العروض دون ابتزال او إفراط ؟ هل يمكن لهذة النوعية من العروض التكنولوجية الأرتقاء بمشاعرنا وأحسيسانا وغرس القيم والمبادء الدينية والاجتماعية لمجتمعنا العربي بما تقدمه ؟
كل شيء فى عالم التكنولوجيا الرقمية ممكن أن يحدث نظرا لسرعته وتطورة ولكن علينا فى بلادنا العربية ان يتم بناء مدارس وجامعات حديثة وبرامج علمية ومناهج دراسية متطورة لدراسة كيفية التعامل مع هذة التقنيات ورفع مستوى التدريب المهنى والفنى والعلمى للطلاب الدارسين لمجلات الفنون والابداع والعاملين بمجلات الفنون والثقافة والأعلام وذلك للتعامل بشكل احترافى لأستخدام هذة التقنيات من خلال ماسيتم عرضة فى المستقبل ،لذلك علينا أن ندرك جيدا أننا نعيش فى حقبة زمنية رقمية متطوره غاية فى الخطورة تتطلب منا التطور فى النص الفنى والأدبى سواء نصوص مسرحية او أفلام أو مسلسلات أو أغانى ...الخ لتقديم عروض فنية تحاكى الواقع الذى يعيش فية المواطن العربى و تحترم أيضا عقله كمتلقى سواء كان مستمعاً او مشاهداً ،فالتكنولوجيا سلاح ذو حدين إذا تم توظيفها بشكل خاطىء او مبتزل سيؤدى ذلك الى تدهور الفكر والابداع والاحاسيس والمشاعر ، واذا تم توظيفها جيدا ستكون وسيله جيدة تهدف للترفية والتعلم والتثقيف ورفع مستوى الوعى الفكرى لدى شعوبنا العربية