بقلم : د. أسما الصيفي .
" بن خلدون والجاسوس" لقد قدم لنا الكاتب اليمني ، " رائد الجحافي " ، بعضا من مقتطفات لمقدمة ابن خلدون بمقالة أسماها « ابن خلدون ، الجاسوس » ، وهي عبارة عن مقتطفات لرؤية مستقبلية قبل سبعة قرون ، خطها ابن خلدون في مقدمته الشهيرة ، فرأى ما لم نستطع أن نراه حتى ونحن نعيش عصرنا الحاضر ، إنها إحدى روائع ابن خلدون ، رائد علم الاجتماع في العالم ، فقال فيها :
" عندما تنهار الدول يكثر فيها المنجمون ، والمتسولون ، والمنافقون ، والمدّعون ، والكتبة والقوّالون ، والمغنون النشاز ، والشعراء النظّامون ، والمتصعلكون ، وضاربو المندل ( قد يكون الدف ) وقارعو الطبول ، والمتفيهقون ، وقارئو الكفّ بالطالع والنازل ، والمتسيّسون ، والمدّاحون والهجّاؤون ، وعابرو السبيل والانتهازيون ، فتتكشف الأقنعة ويختلط ما لا يختلط ، يضيع التقدير ويسوء التدبير ، وتختلط المعاني والكلام ، ويختلط الصدق بالكذب ، والجهاد بالقتل .
عندما تنهار الدول ، يسود الرعب ويلوذ الناس بالطوائف ، وتظهر العجائب وتعم الإشاعة ، ويتحول الصديق إلى عدو والعدو إلى صديق ، ويعلو صوت الباطل ويخفت صوت الحق ، وتظهر على السطح وجوه مريبة وتختفي وجوه مؤنسة ، وتشح الأحلام ويموت الأمل ، وتزداد غربة العاقل ، وتضيع ملامح الوجوه ..
يضيع صوت الحكماء في ضجيج الخطباء ، والمزايدات على الانتماء ..
يصبح الكل في حالة تأهب وانتظار ، ويتحول الوضع الى مشروعات مهاجرين ، ويتحول الوطن إلى محطة سفر ، والمراتع التي نعيش فيها إلى حقائب ، والبيوت إلى ذكريات ، والذكريات إلى حكايات ! "
رحمك الله يا ابن خلدون .
*- هل كنت تتجسس على مستقبلنا ؟
رحمك الله يا بن خلدون لقد استطعتَ أن ترى ما عجزنا عن رؤيته حتى يومنا هذا !